سر تميز القهوة المختصة عن باقي المشروبات ودورة حياتها
شرب القهوة يعطي لعشاقها الإحساس بالتميز، وأتحدث عن تجربة حين أقول: ” أنه قد يتغير المزاج مع أول رشفة” هل بالغت قليلا؟؟ لابأس لأني من محبيها، يا ترى ما هو سر تميز القهوة ؟
ولإذا ما سألت العشاق عن سر هذا التميز؟ ستجد أن لكل واحد منهم إجابته الخاصة عن مميزات القهوة، هناك من سيحدثك عن:
رائحتها المثيرة وآخرون يثيرهم أكثر لونها البني الدافئ والبعض الآخر يمدح في القهوة مذاقها اللاذع، ويجتمعون كلهم على أن تميزها نابع من النشاط والحيوية اللذان تقدمانه للمستهلكين لها.
إلا أن الأمر أكبر من ذلك كله، سر التميز يكمن في أن هناك دورة حياة حبات البن نفسها، والسر في كل تلك الأيادي التي تتقن ما تقوم بها،
حتى يتحصل المتذوق على مشروبه السحري بهذه الجودة الرائعة، دورة تبدأ مبكرا في حقول البن وتنتهي باكرا في القهوة المقطرة في فنجان الصباح.
سر تميز القهوة المختصة في دورة حياة حبات البن
تبقى القهوة المشروب الأكثر شعبية في العالم، ونجدها في كل الأمكنة والمرافق من المنزل إلى المكاتب والمقاهي، وقيمة القهوة لا تتغير وإن تعددت أنواعها وطرق تحضيرها، فالكل يتحدث عنها بحب.
تكمن قيمة القهوة في تفاني أناس تعلموا إتقان عملهم ووضعوا الجودة على رأس أولوياتهم، ما نراه نحن هو النادل الذي يقدم لنا الفنجان ساخنا مع ابتسامة دافئة وفاتورة تخفي وراءها سلسلة من العمليات التي تمر منها حبة البن لتكون على ما هي عليه.
التركيز الشديد من المشاركين في هذه السلسلة على معايير الجودة من البداية إلى النهاية هو ما يعطي للقهوة تميزها ويزيد من قيمتها،
وبفضل هؤلاء المحترفون المتفانون في عملهم يتم إنتاج أنواع جيدة من القهوة التي تغزو أنحاء العالم، ولعلك تقرأ هذا المقال وأنت تشرب قهوتك المعتادة على طريقتك الخاصة.
دورة حياة حبات البن
هذه الدورة تبدأ من مُزارع القهوة في البلاد البعيدة وتمر إلى تجار القهوة الخضراء لتنتقل بعدها إلى الأيادي المتخصصة في التحميص، بعد هذه العملية المعقدة نوعا ما، يتم تعليبها وتوزيعها إلى تجار التجزئة بمختلف دول العالم لتصل في آخر المطاف إلى المستهلك.
في الفقرات التالية نتطرق إلى كل مستوى من هذه المستويات التي تمر منها حبة البن.
بداية دورة حياة البن من مُزارع القهوة
تبدأ رحلة البن الجيد مع ذلك المزارع الذي أن ينتمي إلى عائلة خبرت مجال زراعة القهوة أبا عن جد، هذه الخبرة التي تتوارثها العائلات كانت نتيجة سنوات من زراعة حبوب البن في مختلف الظروف حتى توصلوا إلى تلك العوامل المناخية والتربة التي تنتج القهوة الرفيعة،
يتكرر إنتاج الجودة جيل بعد جيل من المزارعين الذين يحرصون على أن تكون القهوة مميزة، ويبحثون عن أفضل جودة لا عن أكبر كمية، يكرسون حياتهم لإتقان أفضل أنواع القهوة،
تلك الحبوب الخضراء في بداية دورة حياتها يجب أن تكون الخالية من العيوب.
حرص المزارعين على جودة الثمار يعزز من قدرته على التواصل مع العملاء العشاق للبن الرفيع المهتمين بالجودة ما يضمن له هامش ربح أعلى،
مشتري القهوة الخضراء
تنتقل حبوب القهوة الخضراء إلى مستوى آخر من الاهتمام، وهي الإنتقائية وتحليل الجودة الذي يمنح سر تميز القهوة ، هنا الحديث عن المشترين المباشرين من المزارعين، ويطلق عليهم مستري القهوة الخضراء، نعم ما نراه حبوبا بنية اللون هي نتيجة عملية التحميص التي سنتطرق لها في الفقرة التالية.
هذه الوظيفة من اكثر الوظائف طلبا في سلسلة صناعة القهوة، ومن الأساسي أن يكون الشخص الذي يشغل هذه الوظيفة حاصلا على SCA Coffee Skills Program في وحدة Green Coffee. وهو برنامج تدريبي قائم على تلقين مهارات للمتعلمين في معرفة أنواع القهوة الخضراء وتحديد بدقة مدى جودتها أو رداءتها، كما ان متذوق القهوة يكتب تقريرا حول خصائص القهوة الخضراء، ويرفعه إلى المختصين في المرحلة القادمة.
اظن الرؤيا بدأت تتضح أكثر حول سر تميز القهوة ، ننتقل إلى عملية التحميص.
مرحلة التحميص و سر تميز القهوة
تحميص البن هو عملية معقدة تتضمن التطبيق الدقيق للحرارة على القهوة الخضراء في محاولة لتحويل العناصر الأساسية المتواجدة بداخل كل حبة بن – السكريات ، والبروتينات ، والأحماض ، إلخ… إلى نكهات متنوعة من المكسرات المحمصة.
نظام معالجة البن الأخضر تتم تحت درجات حرارة عالية، تنتهي بتطوير الصفات العطرية والذوقية لحبوب القهوة، يمكن بعد ذلك طحن حبوب البن المحمصة وتخميرها بالماء لصنع مشروبات القهوة.
عملية التحميص تتطلب مراقبة عن كثب لأنها تتم في درجات حرارة عالية، يعني أي خطأ في التوقيت قد تذهب كميات كبيرة من البن أدراج الرياح بسبب الإفراط في التحميص.
الأيادي الخبيرة والمتمرسة في تحميص القهوة وتحويلها إلى القهوة المتدرجة في اللون البني الغامق المتعارف عليه،
هذه العملية تتطلب الجمع بين ساعات تدريب طويلة ودراية بكيمياء القهوة لضمان اعلى درجات الجودة في النكهات، قبل تعليبها ونقلها إلى التجارة.
القهوة في طريقها إلى المستهلك
في الواقع بعد هذه المستويات الثلاث من الحرص على الجودة وضمان معايير عالية من النكهات والمراقبة الدقيقة للتحميص، تتبقى لها مرحلة اخيرة قبل الوصول إلى فنجان المستهلك، وهي مرحلة التجارة بالتجزئة.
محلات بيع القهوة على شكل حبات البن الخام ام المقاهي والمحلات المتخصصة في تحضير مشروب القهوة بكل انواعه، هي أيضا تحرص على الحفاظ على سر تميز القهوة وهي ضمان جودة المنتوج النهائي.
هنا يجمع هؤلاء بين خبرة البائع او المعد للقهوة وجودة آلات وماكينات تحضير القهوة وحرفية استعمالها، والجرعات المتناسبة والكميات والمتناسقة من المكونات التي تجعل من كوب القهوة الذي يصل المستهلك مميزا وفريدا من نوعه.
إلى هنا تصل حبة القهوة إلى محطتها النهائية من دورة حياتها التي مرت من خلال أيدي ماهرة تصنع تلك النكهة والرائحة الزكية، والإحساس الرائع ونحن نسعد بشرب كوب القهوة.